ابو عبيدة ابن الجراح



أبو عبيدة بن الجراح

أبو عبيدة بن الجراح (2) (18 هـ)
عامر بن عبدالله بن الجراح بن هلال، أبو عبيدة القرشي الفهري المكي. أحد السابقين الأولين وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - أمين هذه
__________
(1) ابن سعد في الطبقات (4/210) من طريق قبيصة بن عقبة قال حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عبدالله بن معقل مرفوعا. ورواه أبو داود (4/528/4361) والنسائي (7/123-124/4081) من حديث ابن عباس .
(2) طبقات ابن سعد (3/409-415) وطبقات خليفة (ص.27-28) وتاريخ دمشق (25/435-491) والاستيعاب (2/792-795) وتهذيب الكمال (14/52-57) والسير (1/5-23) وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين ص.171-174) والإصابة (5/285-289).
الأمة. شهد بدرا وما بعدها، وهو أحد الرجلين اللذين عينهما أبو بكر للخلافة يوم السقيفة، وهو الذي انتزع الحلقتين من وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسقطت ثنيتا أبي عبيدة. روى عنه جابر بن عبدالله والعرباض بن سارية وأبو أمامة وسمرة بن جندب وجماعة. قال ابن إسحاق: آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين سعد بن معاذ وأبي عبيدة بن الجراح، وقيل محمد بن مسلمة.
فعن حذيفة رضي الله عنه قال: جاء أهل نجران إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ابعث لنا رجلا أمينا، فقال: "لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين، فاستشرف له الناس، فبعث أبا عبيدة بن الجراح". (1)
وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح". (2)
وقد استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مرة.
قال الزبير بن بكار: شهد بدرا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - من المغفر يوم أحد، فانتزعت ثنيتاه، فحسنتا فاه، فقيل: ما رئي هتم قط أحسن من هتم أبي عبيدة، وقام يوما من مجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قفاه وكان يقال: داهيتا قريش: أبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح. ودعا أبو بكر الصديق يوم توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سقيفة
__________
(1) أحمد (5/401) والبخاري (8/117-118/4381) ومسلم (4/1882/2420) والترمذي (5/625-626/3796) وابن ماجة (1/48/135).
(2) أحمد (2/419) والبخاري في الأدب المفرد (337) والترمذي (5/625/3795) وقال: "هذا حديث حسن". والحاكم (3/233) وقال: "صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ووافقه الذهبي.
بني ساعدة إلى البيعة لعمر بن الخطاب أو أبي عبيدة بن الجراح، وقال: قد رضيت لكم أحدهما وولاه عمر بن الخطاب الشام، وفتح الله عليه اليرموك والجابية، وسرع مدينة الشام والرمادة.
عن أبي مليكة قال: سمعت عائشة وسئلت: من كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخلفا أو استخلفه؟ قالت: أبو بكر فقيل لها: ثم من بعد أبي بكر؟ فقالت: عمر، ثم قيل لها: من بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة بن الجراح، ثم انتهت إلى هذا. (1)
قال محمد بن سعد وخليفة بن خياط: مات أبو عبيدة بن الجراح في طاعون عمواس بأرض الأردن وفلسطين سنة ثماني عشرة. زاد ابن سعد: وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
موقفه من المشركين:
- وقد شهد أبو عبيدة بدرا، فقتل يومئذ أباه، وأبلى يوم أحد بلاء حسنا. (2)
- فتح الله عليه اليرموك والجابية، وسرع مدينة الشام والرمادة. (3)
معاذ بن جبل (4) (18 هـ)
__________
(1) أحمد مختصرا (6/63) ومسلم (4/1856/2385). ورواه الترمذي (5/566-567/3675 عن عبدالله بن شقيق قال: قلت لعائشة: أي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أحب إلى رسول الله؟ فذكرته. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".
(2) السير (1/8).
(3) انظر الترجمة.
(4) الإصابة (6/136-138) وحلية الأولياء (1/228-244) ومجمع الزوائد (9/311) وطبقات ابن سعد (3/583-590) وتذكرة الحفاظ (1/19-22) والمعرفة والتاريخ (1/314) وشذرات الذهب (1/29-30) والبداية والنهاية (7/94-95) وتقريب التهذيب (2/255) وسير أعلام النبلاء (1/443-461) والاستيعاب (3/1402-1407).
معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس، أبو عبدالرحمن الأنصاري الخزرجي البدري، الإمام المقدم في علم الحلال والحرام وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ... وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ" (1) شهد العقبة شابا أمرد وشهد المشاهد كلها. وكان ممن جمع القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فعن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :_"خذوا القرآن من أربعة: من ابن مسعود، وأبيّ، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة" (2) . وعن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه قال: كان الذين يفتون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة من المهاجرين عمر وعثمان، وعلي وثلاثة من الأنصار: أبي بن كعب ومعاذ وزيد. وكان من أفضل شباب الأنصار حلما وحياء وسخاء. ومناقبه كثيرة. عن نيار الأسلمي: أن عمر كان يستشير هؤلاء فذكر منهم معاذا. وصح عن عمر قوله: من أراد الفقه، فليأت معاذ بن جبل. وكانت وفاته بالطاعون في الشام سنة ثماني عشرة رضي الله عنه.موقفه من المبتدعة:
- جاء في أصول الاعتقاد: كان معاذ يقول في كل مجلس يجلسه: الله
__________
(1) أحمد (3/184) والترمذي (5/623/3790) وقال: "هذا حديث حسن غريب". وابن ماجة (1/55/154) والحاكم (3/422) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وابن حبان (16/74/7131 الإحسان).
(2) أحمد (2/189و195) والبخاري (7/160/3808) ومسلم (4/1913/2464) والترمذي (5/632/3810) وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
حكم قسط تبارك اسمه، هلك المرتابون، إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه الرجل والمرأة والحر والعبد والصغير والكبير، فيوشك الرجل أن يقرأ القرآن فيقول: قد قرأت القرآن، فما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن، ثم ما هم بمتبعي حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة. واتقوا زيغة الحكيم فإن الشيطان يلقي على في الحكيم الضلالة ويلقي المنافق كلمة الحق قال: قلنا: وما يدرينا يرحمك الله أن المنافق يلقي كلمة الحق، وأن الشيطان يلقي على في الحكيم كلمة الضلالة. قال: اجتنبوا من كلام الحكيم كل متشابه الذي إذا سمعته قلت ما هذا؟ ولا ينأ بك ذلك عنه، فإنه لعله أن يراجع ويلقي الحق إذا سمعه، فإن على الحق نورا. (1)
- قال معاذ بن جبل: إياكم والبدع والتبدع والتنطع، وعليكم بالأمر العتيق. (2)
- وعنه قال: يد الله فوق الجماعة، فمن شذ لم يبال الله بشذوذه. (3)
"
التعليق:
كان معاذ بن جبل من أغزر الصحابة علما بالحلال والحرام، وأما علمه بعقيدة التوحيد الخالصة فأمر مجمع عليه بينه وبين إخوانه من الصحابة رضوان
__________
(1) أصول الاعتقاد (1/99-100/116) وأبو داود (5/17-18/4611) والإبانة (1/2/307-308/143) وما جاء في البدع (ص.63-64) وجامع بيان العلم وفضله (2/981). وانظر الحوادث والبدع (ص.37-38) والباعث (ص.62) والاعتصام (1/110-111) وإعلام الموقعين (1/104-105)و(2/193) والجزء الأول منه في السير (8/143).
(2) رواه ابن وضاح في البدع (ص.65) والهروي في ذم الكلام (ص.136).
(3) الإبانة (1/2/288-289/119).
الله عليهم. ولذا كان يعلم خطر البدع والمبتدعة، فكان يحذر منهم في كل مجلس، فهؤلاء هم أحياء القلوب، وأما أهل زماننا فأموات غير أحياء، وما يشعرون أيان يبعثون. قبلوا البدعة ورضوا بها، وتسهالوا مع المبتدعة واتخذوهم أحبابا وإخوانا، وآووهم في بيوتهم وأحاطوهم بكل رعاية والله المستعان.
- وجاء في السير عن أم سلمة أن أبا عبيدة لما أصيب، استخلف معاذ ابن جبل -يعني في طاعون عمواس- اشتد الوجع، فصرخ الناس إلى معاذ: ادع الله أن يرفع عنا هذا الرجز، قال:إنه ليس برجز ولكن دعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وشهادة يخص الله بها من يشاء منكم، أيها الناس، أربع خلال من استطاع أن لا تدركه، قالوا: ما هي؟ قال: يأتي زمان يظهر فيه الباطل، ويأتي زمان يقول الرجل: والله ما أدري ما أنا، لا يعيش على بصيرة، ولا يموت على بصيرة. (1)
- وجاء في الإبانة عن عاصم بن حميد، قال: سمعت معاذا يقول: إنكم لن تروا من الدنيا إلا بلاء وفتنة، ولن يزداد الأمر إلا شدة، ولن تروا من الأئمة إلا غلظة، ولن تروا أمرا يهولكم ويشتد عليكم إلا حقره بعد ما هو أشد منه. قال أبو عبدالله أحمد بن حنبل: اللهم رضنا مرتين. (2)
موقفه من المشركين:
عن أبي موسى أن رجلا أسلم ثم تهود، فأتاه معاذ بن جبل -وهو عند أبي موسى- فقال: ما لهذا؟ قال: أسلم ثم تهود، قال لا أجلس حتى أقتله، قضاء الله
__________
(1) السير (1/457).
(2) الإبانة (1/1/181-182/16).
ورسوله - صلى الله عليه وسلم - . (1)موقفه من الجهمية:
عن ميمون أبي حمزة قال: كنت جالسا عند أبي وائل فدخل علينا رجل يقال له: أبو عفيف. فقال له شقيق بن سلمة: يا أبا عفيف ألا تحدثنا عن معاذ بن جبل ؟ قال: بلى سمعته يقول: يحبس الناس يوم القيامة في صعيد واحد فينادي: أين المتقون؟ فيقومون في كنف من الرحمن لا يحتجب الله منهم ولا يستتر. قلت: من المتقون؟ قال: قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان وأخلصوا لله العبادة فيمرون إلى الجنة. (2)
موقفه من المرجئة:
- عن الأسود بن هلال قال: قال معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة، فيجلسان يتذاكران الله ويحمدانه. (3)
- عن سفيان عن عبدالملك بن عمير قال: قال لمعاذ: ما ملاك أمرنا الذي نقوم به؟ قال: الإخلاص، وهي الفطرة والصلاة وهي الملة والسمع والطاعة وهي العصمة وسيكون بعدك اختلاف. (4)
__________
(1) البخاري (7157) ومسلم (1733).
(2) أصول الاعتقاد (3/552-553/864).
(3) الإبانة (2/7/847/1135) وابن أبي شيبة في الإيمان (105،107) وفي المصنف (11/26) وأبو عبيد في الإيمان (ص.20) وأصول الاعتقاد (5/1014/1706و1707) والسنة لعبدالله (ص.115) والسنة للخلال (4/39/1121).
(4) الإبانة (2/7/898/1252).

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More