أبي بن كعب





أبيّ بن كعب (1) (19 هـ)
أُبَيّ بن كَعْب بن قَيْس الأنصاري الخزرجي البدري أبو المنذر ويكنى أيضا أبا الطفيل سيد القراء. شهد بدرا والمشاهد. وجمع القرآن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعرض على النبي - صلى الله عليه وسلم - وحفظ عنه علما مباركا وكان رأسا في العلم والعمل. وفي الصحيحين: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأبي بن كعب: "إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن، وفي لفظ أمرني أن أقرئك القرآن. قال: آلله سماني لك؟ قال: نعم، قال: وذكرت عند رب العالمين؟ قال: نعم. فذرفت عيناه" (2) . وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ليهنك العلم أبا المنذر". (3)
كان من أصحاب العقبة الثانية، وكان عمر يسميه سيد المسلمين. أخرج الأئمة أحاديثه في صحاحهم، وعده مسروق في الستة من أصحاب الفتيا.
وفي تاريخ موته اختلاف، قال الهيثم بن عدي: مات سنة تسع عشرة، وقيل اثنتين وعشرين، وقيل سنة ثلاثين، والله أعلم.
موقفه من المبتدعة:
- جاء في الإبانة: قال أبيّ: (هلك أهل العقدة ورب الكعبة هلكوا
__________
(1) الإصابة (1/27-28) وطبقات ابن سعد (3/498-502) والحلية (1/250-256) والتذكرة (1/16-17) ومجمع الزوائد (9/311-312) والبداية (7/98) والسير (1/389-402) وتقريب التهذيب (1/48) والوافي بالوفيات (6/190-191) والاستيعاب (1/65-70) ومعرفة القراء الكبار (1/28).
(2) أحمد (3/185و284) والبخاري (7/160/3809) ومسلم (1/550/799) والترمذي (5/624/3792) وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(3) أحمد (5/141-142) ومسلم (1/556/810) وأبو داود (2/151/1460).
وأهلكوا كثيرا، والله ما عليهم آسى ولكن آسى على ما يهلكون من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ). يعني: بالعقد الذين يعتقدون على الآراء والأهواء والمفارقين للجماعة. (1)
- وفيها: عن مسروق قال: سألت أبي بن كعب عن شيء، فقال: أكان هذا؟ قلت: لا، قال: فأجمنا حتى يكون فإذا كان اجتهدنا رأينا. (2)
- وفي أصول الاعتقاد عن أبي بن كعب قال: عليكم بالسبيل والسنة، فإنه ما على الأرض عبد على السبيل والسنة. وذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله عز وجل فيعذبه. وما على الأرض عبد على السبيل والسنة وذكره -يعني الرحمن في نفسه- فاقشعر جلده من خشية الله إلا كان مثله كمثل شجرة قد يبس ورقها فهي كذلك إذ أصابتها ريح شديدة فتحات عنها ورقها إلا حط عنه خطاياه كما تحات عن تلك الشجرة ورقها. وإن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وسنة. فانظروا أن يكون عملكم إن كان اجتهادا أو اقتصادا أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم. (3)
موقفه من القدرية:
عن ابن الديلمي قال: وقع في نفسي شيء من هذا القدر، فأتيت أبي
__________
(1) الإبانة (1/2/340/207).
(2) الإبانة (1/2/408/315) وانظر السير (1/398).
(3) أصول الاعتقاد (1/59-60/10) والإبانة (1/2/359-360/250) والتلبيس (ص.16) وحلية الأولياء (1/252-253) وشرح السنة (1/208) الجزء الأخير منه. والاعتصام (1/110) ومجموع الفتاوى (10/77).
ابن كعب فقلت: أبا المنذر، وقع في نفسي شيء من هذا القدر، خشيت أن يكون فيه هلاك ديني وأمري، حدثني عن ذلك بشيء، لعل الله ينفعني به. فقال: لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه، لعذبهم وهو غير ظالم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو كان لك جبل أحد أو مثل جبل أحد ذهبا أنفقته في سبيل الله، ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك وإن مت على غير هذا دخلت النار، ولا عليك أن تأتي عبدالله بن مسعود فتسأله، فأتيت عبدالله فسألته فقال مثل ذلك، كان أبو سنان يقتص الحديث، قال ولا عليك أن تأتي أخي حذيفة بن اليمان، فتسأله. فأتيت حذيفة فسألته فقال مثل ذلك، وقال: ايت زيد بن ثابت فسله. فأتيت زيد ابن ثابت، فسألته. فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم، ولو كان لك قبل أحد أو مثل أحد ذهبا، أنفقته في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنك إن مت على غير هذا دخلت النار". (1)
"
التعليق:
هذا هو فقه العقيدة الصحيح الذي امتاز به الصحابة الكرام، لم ينقصهم العلم والفهم في عقيدة التوحيد الخالصة، كما يدعي المبتدعة أن
__________
(1) أحمد (5/182-183) وأبو داود (5/75/4699) وابن ماجة في المقدمة (1/29-30/77) وابن حبان (2/505-506/727) وعبدالله بن أحمد في السنة (121-122) واللفظ له.
الصحابة لم يخوضوا في أمر العقيدة، ولا كان لهم علم بها، فلا أدري ما هو العلم إن لم يكن هذا هو العلم، فرضي الله عنهم وأرضاهم، أوتوا الحظ الأوفر من العلم والفهم والعمل.

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...
Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More